السبت، 6 يونيو 2009

ماذا فى جعبة أوباما ؟


رغم سماته الانسانية الطيبة التى أتفق مع الكثيرين حول تمتعه بها ، إلا أننى أرى أن هذه الزيارة التاريخية للرئيس الأمريكى باراك أوباما للمنطقة لا تختلف عن زيارة أى رئيس آخر ، و لا تعبر عن تغير حقيقى فى المواقف بحيث لم تعدو كونها محاولة لبداية تبادل أكبر للمصالح و المجاملات برغم اقتناعى أن تلك المواقف تعبر فعلا عن قناعته الداخلية .
فالمصالح و المصالح فقط هى ما يقف وراء تلك التصريحات ، ليس لأن الرجل غير مقتنع بها ، و لكن لأنه لم يقل ذلك بل لم يأت به الرأى العام الأمريكى من الاصل إلا ليلعب هذا الدور فى ظل فشل عسكرى و ظروف اقتصادية كارثية تمر بها الولايات المتحدة و تحتاج فيها الى السوق و رأس المال الإسلاميين ، و الدليل على ذلك أن الرأى العام الأمريكى ضن على العلاقات الإسلامية الأمريكية بجون كيرى فى 2004 و هو الذى 1/10 من حماس أوباما لتحسين العلاقات مع العالم الإسلامى و فى وقت كانت حكومة بوش متورطة فى جريمة اغتصاب لحقوق الانسان وقتلها
هنا تبرز براجماتية أوباما ، فبوش كان يقول ــ صدقا أو ادعاءا ـ إن العراق ديكتاتورى و ينبغى أن يكون ديمقراطى ، أما أوباما فلا يهمه أن يكون العراق أو غيره ديكتاتورى أو العكس ما دام سيظل حليفا بنفطه و سياساته للولايات المتحدة ، و هو يعتقد ذلك لأنه تعلم الدرس ، فـ " دقرطة " العراق صبت فى صالح قوى منافسة هى أيران و نفس الشىء فى فلسطين أتت بقوى مناوئة للولايات المتحدة مما زاد المسألة تعقيدا
بوش كان يهاجم الاسلام و يدعو للديمقراطية أما أوباما فيغازل مشاعر العالم الإسلامى من خلال كلامه الايجابى حول مبادىء العقيدة الإسلامية و ابداء تعاطف مع القضية الفلسطينية ، و هو فى ذلك كله يحاول خلق هوة ما بين قوى الرفض التى يريد القضاء عليها تماما كالقاعدة أو ترويضها و تقليم أظافرها كحماس و مثيلاتها و ما بين الجماهير الإسلامية التى تقف وراءها ، فالسيناريو الذىينشده أوباما هو عالم إسلامى قليل الديمقراطية و خال من المقاومة المزعجة ، و هذه هى الوصفة السحرية لعالم إسلامى هى ما خلص اليها بعد 8 سنوات من مواجهات وصراعات لم تثمر إلا مزيدا من الخسائر
و هذه الوصفة تقتضى أن يعاد الالم الإسلامى إلى مربع ما قبل 2005 ديمقراطيا و ما قبل 2001 مقاوميا ، و هو ما لن يتأتى إلا بتسوية نهائية للقضية الفلسطينية تقوم على الاعتراف باسرائيل من قبل العالم الإسلامى و على رأسه حركات المقاومة و المقاومة الإسلامية بالذات ثم تحديد سقف المعارضة فى دول العالم الإسلامى التى تعانى من داء الديكتاتورية و هو ما سيحول دون وصول القوى المناوئة للولايات المتحدة إلى سدة الحكم و سيحفظ حلفاء أمريكا ، و بتسوية القضية الفلسطينية سيسهل تطويق ايران التى لن يكون هناك مبرر لتمددها فى المنطقة و سيقل التغاطف مع تنظيمات كالقاعدة و غيرها من لبتنظيمات المسلحة التى أكسبتها الحرب على ما سمى بالارهاب قدرا من العنفوان و الأممية و التعاطف
باختصار إن تلك التصريحات و المواقف عندما اتخذت لم تكن تعبر عن قناعات الرجل التى أكرر أنها مطابقة لما قال ، و انما من وجهة نظرى كان بيعبر عن مناورة جديدة مساوة جديدة للعالم الإسلامى أن رسالة فحواها : " هنحنذا تخلصنا من " متطرفينا " فأعطونا الفرصة كى نتخلص سويا من " متطرفيكم " .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق