كثير من التساؤلات يدفع إليها التشريع المزمع إخراجه حول
السماح للعسكريين و الشرطيين بالترشح و التصويت فى الانتخابات بمختلف أشكالها ، هل هى العودة بالعسكر من الباب الخلفى
لممارسة الدور الذى أبعدوا عنه ؟!
التساؤول
البديهى و المبدئى هو كيف ستكون آلية هذا التصويت ؟! ، هل ستمنح إجازة رسمية لجميع
العسكريين و الشرطيين للإدلاء بالصوت أم
أن اللجنة الانتخابية ستجعل التصويت بداخل الوحدات العسكرية و أقسام الشرطة و
المقرات المختلفة للوزارتين حفظاً للأمن
؟! ، و سواء فعل المقترح الأول او الثانى فكيف سيتثنى لهذا المجند البعيد عن
دائرته بحكم الخدمة أن يتعرف على برنامج هذا المرشح أو ذاك ؟! هل سيسمح بالدعاية
الانتخابية من ملصقات و مسيرات و مؤتمرات
داخل الوحدات العسكرية مثلاً ؟! أم أن توزيع العسكريين ترشيحا و انتخاباً سيتم
بحسب الموقع الجغرافى لمكان الخدمة ؟! حسناً هذا بدوره سيؤدى انكشاف الولاءات فهذا السلاح أو ذلك اللواء أو تلك الكتيبة أو السرية لم
تقم بواجب الدعم للمرشح الفلانى و كشف تصويتها انحيازها للاتجاه الفلانى أو القائمة الفلانية .
و لو انتهت السلسلة المقلقة من الـتساؤلات حول الالية و
استحدثت الية سحرية يصوت من خلالها القوم دونما إجازات جماعية فستثور تساؤلات أخرى
حول الجدوى من العملية ، فهل ستسلم المؤسستين من الاستقطاب الذى يمثل نتيجة طبيعية
لأى إجراء تنافسى بين متعددين ؟ و ماذا عن الضرب تحت الحزام الذى هو سمة جميع
الانتخابات ؟! ماذا عسى أن تكون الرشاوى الانتخابية و كيف ستقدم ؟! كل هذا كوم و
احتمالية أن يكون التنافس عسكري عسكرى أو شرطى شرطى !
لقد تعلمنا فى السياسة أن الوعود الانتخابية أحد أهم فعاليات
العملية الانتخابية ، و عليه فقد يجد ذلك المرشح العسكرى نفسه مضطراً استرضاءً لأبناء
مهنته و حرصاً على كسب كتلتهم التصويتية إلى عقد جلسات و مؤتمرات معهم ، و قد يقتضى
المقام الكلام عن الزيادة فى التعيين أو الإكثار فى الإجازات بل و ربما طالبه
البعض بالعمل على إصدار قانون يقلل مدة
الخدمة أو غيره ، و قد تتطرق الوعود إلى حوارات حول السماح بالالتحاء و تقصير
البنطال و غيره مما يخافه المدنيون و يتمناه الإسلاميون أو قطاع كبير منهم .
إن عسكرة السياسيين ليست أقل خطورة من تسييس العسكر و
هذا ما يغفل أو يتغافل عنه مؤيدو هذا التشريع ، و الخطورة هنا على الساحتين
السياسية و العسكرية معاً ، و طبيعة الاحتكاك بين العسكرى أو الشرطى مع الشارع
لابد ان تنبع من فلسفة نشأة المؤسستين و هى حماية الأمن داخلياً أو خارجياً ، و
ضابط الجيش أو الداخلية ليس فى حاجة إلى نائب يعبر عنه سياسياً لأنه من المفروض
فيه أن لا رأى له ، كما أنه ليس فى حاجة إلى من يناقش احتياجاته لمستشفى أو مدرسة
أو غيره فى دائرة سكنه فهو يعيش أغلب وقته بعيداً عنها و يعيش امتيازات مادية و
اجتماعية يقرها القانون و يحترمها المجتمع حماية له من ممارسة السياسة و التوهان
فى متاهاتها ، و التساؤل الأخير الذى لا يجوز لللسطور أن تنتهى دون أن تطرحه هو من
أجل ماذا أو من أجل من سيجرى ادخاله هذه المتاهة التى تتعارض مع جوهر و طبيعة رسالته
؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق