الأحد، 26 مايو 2013

ماذا لو صوت العسكر ؟!



كثير من التساؤلات يدفع إليها التشريع المزمع إخراجه حول السماح للعسكريين و الشرطيين بالترشح و التصويت فى الانتخابات بمختلف أشكالها  ، هل هى العودة بالعسكر من الباب الخلفى لممارسة  الدور الذى أبعدوا عنه ؟!
 التساؤول البديهى و المبدئى هو كيف ستكون آلية هذا التصويت ؟! ، هل ستمنح إجازة رسمية لجميع العسكريين و  الشرطيين للإدلاء بالصوت أم أن اللجنة الانتخابية ستجعل التصويت بداخل الوحدات العسكرية و أقسام الشرطة و المقرات المختلفة للوزارتين حفظاً  للأمن ؟! ، و سواء فعل المقترح الأول او الثانى فكيف سيتثنى لهذا المجند البعيد عن دائرته بحكم الخدمة أن يتعرف على برنامج هذا المرشح أو ذاك ؟! هل سيسمح بالدعاية الانتخابية  من ملصقات و مسيرات و مؤتمرات داخل الوحدات العسكرية مثلاً ؟! أم أن توزيع العسكريين ترشيحا و انتخاباً سيتم بحسب الموقع الجغرافى لمكان الخدمة ؟!  حسناً هذا بدوره سيؤدى انكشاف الولاءات فهذا  السلاح أو ذلك اللواء أو تلك الكتيبة أو السرية لم تقم بواجب الدعم للمرشح الفلانى و كشف تصويتها انحيازها  للاتجاه الفلانى أو القائمة الفلانية .
و لو انتهت السلسلة المقلقة من الـتساؤلات حول الالية و استحدثت الية سحرية يصوت من خلالها القوم دونما إجازات جماعية فستثور تساؤلات أخرى حول الجدوى من العملية ، فهل ستسلم المؤسستين من الاستقطاب الذى يمثل نتيجة طبيعية لأى إجراء تنافسى بين متعددين ؟ و ماذا عن الضرب تحت الحزام الذى هو سمة جميع الانتخابات ؟! ماذا عسى أن تكون الرشاوى الانتخابية و كيف ستقدم ؟! كل هذا كوم و احتمالية أن يكون التنافس عسكري عسكرى أو شرطى شرطى !
لقد تعلمنا فى السياسة أن الوعود الانتخابية أحد أهم فعاليات العملية الانتخابية ، و عليه فقد يجد ذلك المرشح العسكرى نفسه مضطراً استرضاءً لأبناء مهنته و حرصاً على كسب كتلتهم التصويتية إلى عقد جلسات و مؤتمرات معهم ، و قد يقتضى المقام الكلام عن الزيادة فى التعيين أو الإكثار فى الإجازات بل و ربما طالبه البعض بالعمل على إصدار  قانون يقلل مدة الخدمة أو غيره ، و قد تتطرق الوعود إلى حوارات حول السماح بالالتحاء و تقصير البنطال و غيره مما يخافه المدنيون و يتمناه الإسلاميون أو قطاع كبير منهم .
إن عسكرة السياسيين ليست أقل خطورة من تسييس العسكر و هذا ما يغفل أو يتغافل عنه مؤيدو هذا التشريع ، و الخطورة هنا على الساحتين السياسية و العسكرية معاً ، و طبيعة الاحتكاك بين العسكرى أو الشرطى مع الشارع لابد ان تنبع من فلسفة نشأة المؤسستين و هى حماية الأمن داخلياً أو خارجياً ، و ضابط الجيش أو الداخلية ليس فى حاجة إلى نائب يعبر عنه سياسياً لأنه من المفروض فيه أن لا رأى له ، كما أنه ليس فى حاجة إلى من يناقش احتياجاته لمستشفى أو مدرسة أو غيره فى دائرة سكنه فهو يعيش أغلب وقته بعيداً عنها و يعيش امتيازات مادية و اجتماعية يقرها القانون و يحترمها المجتمع حماية له من ممارسة السياسة و التوهان فى متاهاتها ، و التساؤل الأخير الذى لا يجوز لللسطور أن تنتهى دون أن تطرحه هو من أجل ماذا أو من أجل من سيجرى ادخاله هذه المتاهة التى تتعارض مع جوهر و طبيعة رسالته ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق