هذا ما نعيشه فى مصر هذه الأيام فالاستياء الغير مبرر من نجاح مبادرة الشيخ
حسان لجمع المعونة المصرية من جيوب المصريين دفع بأصوات كثيراً ما تدعى الليبرالية و التصالح مع جميع التيارات إلى تقديم أرخص ما عندها من خطاب إعلامي فى سبيل النيل من المبادرة و التسفيه لها ، إننى اعلم مسبقاً أن المشكلة ليست شخص الرجل و تاريخه لأنه ليس بمعصوم و لم يسلم شأنه شأن آخرين بعد الثورة من النقد البناء أحيانا و الجارح أحيان أخرى و الذى جاءه من مختلف الاتجاهات منها التيار الإسلامى ، لكن المستفز من وجهة نظرى هو هذه الحالة من التضحية بالصالح العام التي انتابت البعض و أوقعته في مغالطات إعلامية و متناقضات شبيهة بمقولة : " كاذب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر " ، أقول ذلك لأن درس التاريخ ينبىء بأنه قد جرى الاستعانة فى السابق بشعبية شخصيات كأم كلثوم و عبدالحليم فى النهوض باقتصاد البلد بعد النكسة ، فالفكرة ليست جديدة و لها سابقة تاريخية أقدم أيام حرب التتار ، و بالمناسبة فقد كان عبدالحليم و أم كلثوم من أغنى شخصيات المجتمع وقتها ولم تتعرض مبادرتهما لدعم المجهود الحربى للمزايدة و السخرية حتى من اليسارى أحمد فؤاد نجم الذى دأب على هجائهما فى مناسبات كثيرة .
إن " الحقيقة " التى غابت عن الأستاذ وائل فى تلك الحلقة الشهيرة هى أن الصراع بين النخبة هو نذير الشؤم الذى يهدد مرحلتنا القادمة ، فعندما تتحول شخصيات كوائل الإبراشي و ابراهيم عيسى إلى التعامل مع التيار الإسلامي بطريقة " أنى يكون له الملك علينا و نحن أحق بالملك منه " فإن ما بقى من روح الشراكة الوطنية التى كانت أحد أسرار نجاح الثورة و التى يعول عليها ضمن عوامل أخرى في اجتياز المرحلة الراهنة من المؤكد أنها فى خطر ، لقد كنت أنتظر شأنى شأن الكثيرين أن يتحمس الأستاذ وائل للمبادرة ً مدركاً أن العلمانيين ليسوا سواءً فى نظرتهم للإسلاميين ، مدركاً أيضا أن " قدرة " الإقتصاد الوطنى هى فى أمس الحاجة لمن يصب فيها و لو كوباً من اللبن لكن ما صدمنى هو هذا الخطاب تجاه انسان كان له سابقة نجاح فى أزمة " صول " و من أشخاص كنا نعدهم قبل الثورة " صوت المجموع الوطنى "