الأحد، 12 فبراير 2012

البرلمان و قميص عثمان

أهم ما ميز الثورة المصرية كإنجاز حضاري و إنساني هو أنها كانت بمثابة صرخة جماعية انطلقت معبرةً عن إجماع وطنى شعبى نادراً ما وقع فى التاريخ المصرى الحديث ، و لعل هذه السمة هى ما جعلها أكثر حضوراً إعلامياً و تأثيراً فى الرأى العام العالمى عن سابقتها التونسية ولاحقاتها من ثورات المنطقة ، فـ " روح التحرير " التى راهن النظام البائد طويلا فى بقائه على غيابها و التي تجلت فى العديد من المسلكيات التى ادهشت العالم كانت العامل الرئيسى الذى استمدت الثورة منه نجاحها .

لكن يبدو أن البعض قد أخطأت حساباته عندما توقع أن هذه الحالة من التفوق على الذات ستستمر كسمة مجتمعية فى مرحلة البناء بعدما نجح الشعب فى استخراجها من كامن الشعور العام ، أقول ذلك ليس على خلفية " العصيان المدنى " الذى دعت إليه مؤخراً بعض القوى السياسية وفقط ، ذلك لأن العصيان المدنى فى حد ذاته لا يشكل بالنسبة لى مكمن خطورة خاصة و قد تم الاعراض عنه شعبيا ، ما يدفع للقلق من وجهة نظرى هو ذلك التلاشى التدريجى لروح الميدان و هو تلاشى ينذر بتفتيت الحراك الثورى و تحويله إلى مجموعة من التظاهرات الفئوية كما ينذر بتبديد مكتسبات الثورة و هو ما بدا واضحاً فى مزايدة البعض على البرلمان

أفهم أن يكون هناك استياء من إدارة المجلس العسكرى للمرحلة كما أفهم أن يشكل البعض جبهة مزايدات على التيار الاسلامى داخل البرلمان ، أما ما لا أفهمه فهو تخوين البرلمان و محاولة تكفير الناس به رغم أنه كان مطلبا رئيسيا للثورة و لقد ولد من رحمها كمولود شرعى و دستورى مصطحباً معه كوكبة من المناضلين من أمثال البدرى فرغلى و أبو العز الحريري و العريان و غزلان و البلتاجي و أسامة ياسين و محمد عبدالعليم داوود و نادر السيد و مصطفى النجار و السلفيين و الجماعة الإسلامية و غيرهم ، و إن كان هناك من استأثر بأغلبيته بعد الثورة فهناك أطراف أخرى قد استفادت قبلها ـ قبل الثورة أقصد ـ عندما ضمنت بالمجان أن الرئيس القادم سيكون من بين صفوفهم .

المطلوب من الجميع فى هذه المرحلة ان يترك عنه الفئوية السياسية فالمعاقب الأول سيكون الدولة و مؤسساتها التى بدا أن البعض لم يعد يمانع فى سبيل تحقيق مآربه من جرها إلى حالة من الشلل التام ، المطلوب هو السعى لانضاج التجربة البرلمانية وصولاً إلى نظام برلمانى يحول دون خروج ديكتاتور جديد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق