الخميس، 14 مايو 2009

نتنياهو ــ بندكتوس ــ أوباما ... 3 زيارات بـ 3 رسالات

3 أهداف يرمى إليها كل من بابا الفاتيكان و رئيس وزراء إسرائيل و الرئيس الأمريكى الجديد باراك أوباما من خلال زيارارتهم للمنطقة على مدى أقل من شهر ، فالزيارات جاءت من ناحية كمحاولة لاسترضاء الرأى العام الإسلامى الذى كثيرا ما استفزته ممارسات اليمين المتطرف فى الولايات المتحدة ، و التى مثلها الرئيس الأمريكى السابق بوش ، و لعل هذا ما يفسر اختيار اوباما للقاهرة و ليس شرم الشيخ كالعادة و للأزهر ــ الجامعة أو الجامع لم يتحدد بعد ــ بكل ما للمدينة و المسجد من دلالات و اعتبارات لدى مسلمى العالم ، فى نفس الصدد يمكن إدراج زيارة البابا بندكتوس ال ؟؟؟ للأردن و دخوله مسجد " الملك حسين " و تصريحاته الإيجابية تجاه الإسلام و هو المشهور بتهجماته المتكررة على العقيدة الإسلامية و ربطها بالعنف و البعد عن العقلانية ، و الواضح أن الزعيمين و إن كانا قد اتفقا حول هذا الهدف من الزيارة ــ مغازلة الرأى العام الإسلامى ــ إلا أنهما أيضا قد اختارا التوقيت المناسب على الأقل بالنسبة لكل منهما للقيام بهكذا مهمة ، فالبابا يريد فى هذا التوقيت الذى تميل فيه أجهزة القرار الغربية لطرح تسويات شاملة للقضايا الإسلامية و ايقاف المواجهات أن يظهر بمظهر من يحاول فتح طاقة للحوار تخفف من موجة العداء بين الغرب و الإسلام و التى كانت تصريحاته أحد تجلياتها ، أما أوباما فيسعى بعد فشل نسبى فى العراق و كلى فى أفغانستان أن يبدو و كأنه يبدأ سياسة إصلاح ما أفسده بوش بمحافظيه الجدد و يمينه المتطرف ، حيث يستخدم لغة جديدة بمفردات جديدة ربما تلاقى بل لعلها لاقت قبولا بالفعل لدى الرأى العام الإسلامى و هو المطلوب فى سبيل تجميل صورة أمركيا إسلاميا و بالتالى تجنيبها مزيدا من الاستهداف .
لنفس الهدف و لو على نطاق أضيق تأتى زيارة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى لمصر، فقد هدفت من ضمن ما هدفت للتأكيد صراحة على ما سماه بالصداقة المصرية الإسرائيلية و ضمنيا على ما يمكن تسميته بتجاوز مرحلة الجروح التاريخية ،خاصة عندما يشير إلى مرافقة فؤاد بن اليعاذر له و وصفه إياه بأنه " صديق مصر " برغم تاريخه السىء مع المصريين لأمره بقتل 250 أسيرا مصريا فى الـ 67 .
من ناحية أخرى فإن الإدارة الامريكية الجديدة تريد من وراء هذه الزيارة المنتظرة و التى حدد لها 4 يونيو القادم أن تؤكد للأنظمة إدراكها بأنها ــ الأنظمة ــ هى الأقوى و ليس المعارضة ، و أن فكرة الرهان على المعارضة ــ لاسيما الليبرالية منها ــ أو على الأقل محاولة انعاشها و دعمها كما و هى السياسة التى بدأها بوش فى الــ 2005 قد ثبت فشلها خاصة فى مصر و السعودية ، و عموما فإن هذا الاستنتاج له حجيته ، فخفوت حدة خطاب المعارضة فى البلاد العربية التى انتهج بوش تجاهها سياسة تدعيم المعارضة ، ثم مصير أحزاب و مؤسسات شخصيات معارضة ــ ليبرالية بالذات ــ فى مصر كالغد و الوفد و فى السعودية كمجموعة متروك الفالح و قوى نخبوية و شعبية أخرى يؤكد هذه النتيجة ، و هنا يبدو أوباما أكثر براجماتية من بوش فهو يعنى بالنتائج أكثر من الأسباب ، لذلك لم يعد يعنى بدفع عجلة الديمقراطية عربيا بقدر ما يعنيه المحافظة على حلفائه التقليديين الذين من المتوقع أن يدعموه فى حسم حربه على يسمى بالإرهاب و تطويق إيران منافسته التقليدية فى المنطقة .
الهدف الثالث و الذى تشترك فيه زيارة أوباما مع نتنياهو هو إكساب دول " محورالاعتدال " مزيدا من الدعم والثقل فى ممارسة دورها على الساحة الفلسطينية ، ذلك الدور الذى من المتوقع أن يكون ذا تأثير قوى فى صياغة مشروع الدولة الفلسطينية و تحديد توجهاتها و ثوابتها ، و بالطبع فإن هذا الدعم يعد خطوة هامة فى طريق تحقيق تطلع دول " محور الاعتدال " للانفراد بملف القضية الفلسطينية الذى يسبب لها صداعا من المزايدات و الاضطرابات .
إن أمام الغرب و على رأسه الولايات المتحدة طريق واحد لوقف موجة العداء بينه و بين العالم الإسلامى ، و لقد أحسن أوباما حين خص الجمهور المسلم بالخطاب و لم يتوقف عند الحكام ، و حين أدرك أن الرأى العام الإسلامى يستحق لغة جديدة للخطاب بعد أن وقف على حقيقة أن هذا الرأى العام هو من يفرز ردود الأفعال العفوية تجاه المواقف الغربية المنحازة ضد المصالح الإسلامية ، و التى تطال أول ما تطال صورة الولايات المتحدة و مصالحها ، لكن مازال أمامه طريقا طويلا إن كان حقا يريد لغة مشتركة للتفاهم و سعيا لتحقيق المصالح المشتركة مع العلام الإسلامى و ما أكثرها ، فأمريكا تورطت و مازالت متورطة فى أكثر من مستنقع إسلامى و لازالت ضالعة فى جرائم يعانى منها أبناؤه ليس آخرها و لا أولها معتقل جوانتانامو الذى يعج بمعتقلين مسلمين يعيشون ظروف غير حيوانية !! .
عموما فإنه لا يمكن اخراج الزيارات الثلاث خارج السياق الواحد ، و حتى لو لم يكن هناك دليل على إن أمرهم قد دبر بليل فإن الواقع يؤكد أن جماهير العالم الاسلامى هم المعني الأول بها ، و بالتالى فإن عليهم أن يحددوا موقفهم بناءا على تشخيص واع لواقعهم الحالى ذلك الواقع الذى لم يعد خافيا على السواد الأعظم منهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق