نعم يحتكر حزب الله جبهة الجنوب اللبنانى و يحول دون أى مقاومة سنية تعبر عن نفسها ضد اسرائيل ، نعم حسن نصر الله يتورط هو و أبناء مذهبه فى أفعال و أقوال تنال من عدالة الصحابة و نساء النبى و عصمة القرآن من التحريف ، نعم حزب الله يسخر أى نشاط يقوم به ضد إسرائيل و لو كان تليفيزيونيا لمصلحة إيران و للدعاية لمذهبه و لو من وراء حجاب ، لكن السؤال يظل يطرح نفسه ــ لاسيما على الأصوات التى دائما ما تثير هذا الموضوع ــ لماذا رغم كل هذه المؤاخذات يحظى نصرالله و حزبه بكل هذا الزخم من الإعجاب و الجاذبية فى المنطقة ؟!.
المشكة أن التيار أو لنقل بعض الأصوات السلفية ــ وإن كانت مشكورة على حرصها ــ مازالت إلى الآن تغض الطرف عن حقيقة أن الجماهير لا تشكل موقفها من الزعامات بناءا على خلفياتهم العقدية فى المقام الأول بقدر ما تشكله من خلال مواقفهم و انجازاتهم و بطولاتهم إن وجدت ، تشى جيفارا مثلا لم يكن سنيا و لا شيعيا و لا حنيفا مسلماً، و إنما كان ملحدا بامتياز و بنفس درجة الامتياز كان له مؤيدوه و معجبوه فى العالم كنتيجة لامتلاكه ذلك الرصيد الهائل من التضحيات فضلا عن مشروعه الحاشد الحالم الذى داعب من خلاله مشاعر الجماهير ، و حسن نصر الله ببساطة يمتلك و يستند إلى مشروع آخر يتحرك من خلاله بعنفوان و استعراضية تجعل منه محل إعجاب كل المتعاطفين مع القضايا الكبرى حتى من الأصوات اليسارية و القومية التى تنادى به بعضها زعيما للأمة العربية .
و فى ظل هذه الحقيقة لا يكتفى بعض السلفيين بالتعامى عن هذه الحقيقة بل يعمد بعضهم إلى تبخيس التحركات و الانجازات السنية منذ بداية الصحوة كالجهاد الأفغانى و الشيشانى و كذا المقاومة فى العراق و فلسطين و غيرها ، و لذلك فإن أسماء كعبدالله عزام و خطاب و أحمد يس لا تجد قبولا و رواجا فى أوساطهم ، فيما ينظر لنصر الله و رفاقه شيعيا على أنهم نجوم هابطون من الفضاء تقبل أيديهم و رءوسهم و لحاهم ، صحيح أن هناك منابرإعلامية و سياسية تسعى أو على الأقل يروق لها تنجيم نصر الله و تلميعه لاعتبارات ما و هو اتجاه مرفوض و سيهظر ضرره على المدى القريب ، إلا أن التساؤل السابق مازال يفرض نفسه .
المفارقة أن الثارات التاريخية بين الأشاعرة كمدرسة سنية و بين الشيعة موجودة و لها سوابقها مثلها، يؤكد ذلك واقع الصراعات بين الأيوبيين و الفاطميين و اجتثاث صلاح الدين للتشيع من مصر و أيقافه الدراسة فى الأزهر ، ثم الحروب الشرسة بين الدولة العثمانية و الدولة الصفوية فى فارس ، فالصراع بين السلفية و الشيعة نشب متأخراً أثناء الدولة السعودية الأولى فى القرن الثامن عشر ، بيد أن الوضع تغير أو تطور عندما دخلت السياسة على الخط بعد قيام الثورة الإيرانية و هنا تكمن المفارقة ، و هذا ما يفسر أن العلاقات بين السعودية و الشاه كانت جيدة رغم أن الشاه كان يجمع ثالوث الإنحراف التشيع و العلمانية و العمالة بينما كفرت مرجعيات سلفية لها احترامها رأس الثورة الإيرانية "الخمينى" الذى أزعج النظام السعودى بما سماه " تصدير الثورة " ، و المفارقة تبدو أكثر وضوحا عند صدام الذى لم يكفر إلا بعد تهديده السعودية بغزوه الكويت و ليس وقت كانت إذاعتة فى الثمانينات تبث أطروحات ميشيل عفلق الغير اسلامية بطبيعة الحال ، و بنفس المنطق يجرى الآن الاقتصار على اظهار خطر تحركات حزب الله من دون البحث عن نظير سنى أو دعمه ان كان موجوداً ، يجرى هذا لا من أجل السلفية و الأصولية التى تقاومها النخب الليبرالية فى الخليج و ما يسمى محور الاعتدال بكل ما أوتيت من قوة الفكر و الإعلام ، و لكن من أجل وقف مزايدات نصرالله و مشاكساته ضد أنظمة أصابها ما أصابها من الداءات ، و هنا تبرز لعبة توارزن القوى التى تقع فيها بعض المرجعيات العلمية و الدعوية السلفية فى كل مرة من حيث لا تدرى و توقعها فى كثير من التناقضات ، ــ و أنا هنا لا أقصد سلفية سلمان و سفر و الطريرى ناصر العمر و الزعير و غيرهم ممن يصح وصفهم بحزب " اللا السلفى " ، و إنما أقصد هؤلاء الذين هاجموا ممارسات شيعة العراق و أعزوها إلى حقد الشيعة و اتحادهم على السنة ثم لم يدعموا مشروع الجهاد السنى و لو بالقول فقط .
هذا هو الفارق بين حزب الله و بعض السلفيين ، فحزب الله على زيغه فاعل رئيسى مؤثر فى الساحتين السياسية و الدينية فى المنطقة ، و ليس مجرد مجموعة أصوات دعوية تخضع فى عملها لأولويات أجندات أخرى تفرض عليها اعتبارات عديدة تقيدها ، و كم من ملفات سياسية و اجتماعية مسكوت عنها سلفيا و لا تفتح على أهميتها ، فارق آخر يبدو عندما نرى إيران تنظر إلى الفئات الشيعية فى العالم العربى و خارجه على أنهم جزء لا يتجزأ من كيانها الروحى و السياسى بينما تتعامل الأنظمة العربية مع الأصوات و الكيانات السلفية بكثير من البراجماتية فتعتقلهم وقتما يحلو لها و وقتما تزيد الضغوطات الأمركية كما حدث فور 11/9 و تفتح لهم الفضائايت عندما تحتاجهم للمزايدة على الإخوان و سحب رصيدهم و احتياطيهم الجماهيرى و لسحب البساط من تحت السلفية الجهادية التى عبأت العالم للإسلامى لقضيتى العراق و أفغانستان أو لتخويف الأقليات المشاكسة بالإمعان فى تديين المسلمين مما يهددهم بمزيد من الانزواء داخل مجتمعهم .
باختصار إن سقوط الحلم الشيعى لن يتأتى إلا بسعى الجماهير السنية لطرح و دعم مشروع سنى يمثلها و ينافس مشاريع الأمركة و الصهينة و الصفونة ، مشروع لا يمثل إلا نفسه و لا ينساق خلف لعبة توازن قوى تبقيه نائب فاعل و أحيانا مفعولا به و أحيانا لا محل له من الإعراب ، مشروع له جسم سياسى و عقدى لا يتضعضع أمام مزايدات الخصوم ، و يقضى على هذه الحالة من الضبابية السياسية و الأمية التاريخية التى تبقى بعض جماهير المسلمين همجا رعاعا و نهبا مستباحا لكل ناعق منحرف .
المشكة أن التيار أو لنقل بعض الأصوات السلفية ــ وإن كانت مشكورة على حرصها ــ مازالت إلى الآن تغض الطرف عن حقيقة أن الجماهير لا تشكل موقفها من الزعامات بناءا على خلفياتهم العقدية فى المقام الأول بقدر ما تشكله من خلال مواقفهم و انجازاتهم و بطولاتهم إن وجدت ، تشى جيفارا مثلا لم يكن سنيا و لا شيعيا و لا حنيفا مسلماً، و إنما كان ملحدا بامتياز و بنفس درجة الامتياز كان له مؤيدوه و معجبوه فى العالم كنتيجة لامتلاكه ذلك الرصيد الهائل من التضحيات فضلا عن مشروعه الحاشد الحالم الذى داعب من خلاله مشاعر الجماهير ، و حسن نصر الله ببساطة يمتلك و يستند إلى مشروع آخر يتحرك من خلاله بعنفوان و استعراضية تجعل منه محل إعجاب كل المتعاطفين مع القضايا الكبرى حتى من الأصوات اليسارية و القومية التى تنادى به بعضها زعيما للأمة العربية .
و فى ظل هذه الحقيقة لا يكتفى بعض السلفيين بالتعامى عن هذه الحقيقة بل يعمد بعضهم إلى تبخيس التحركات و الانجازات السنية منذ بداية الصحوة كالجهاد الأفغانى و الشيشانى و كذا المقاومة فى العراق و فلسطين و غيرها ، و لذلك فإن أسماء كعبدالله عزام و خطاب و أحمد يس لا تجد قبولا و رواجا فى أوساطهم ، فيما ينظر لنصر الله و رفاقه شيعيا على أنهم نجوم هابطون من الفضاء تقبل أيديهم و رءوسهم و لحاهم ، صحيح أن هناك منابرإعلامية و سياسية تسعى أو على الأقل يروق لها تنجيم نصر الله و تلميعه لاعتبارات ما و هو اتجاه مرفوض و سيهظر ضرره على المدى القريب ، إلا أن التساؤل السابق مازال يفرض نفسه .
المفارقة أن الثارات التاريخية بين الأشاعرة كمدرسة سنية و بين الشيعة موجودة و لها سوابقها مثلها، يؤكد ذلك واقع الصراعات بين الأيوبيين و الفاطميين و اجتثاث صلاح الدين للتشيع من مصر و أيقافه الدراسة فى الأزهر ، ثم الحروب الشرسة بين الدولة العثمانية و الدولة الصفوية فى فارس ، فالصراع بين السلفية و الشيعة نشب متأخراً أثناء الدولة السعودية الأولى فى القرن الثامن عشر ، بيد أن الوضع تغير أو تطور عندما دخلت السياسة على الخط بعد قيام الثورة الإيرانية و هنا تكمن المفارقة ، و هذا ما يفسر أن العلاقات بين السعودية و الشاه كانت جيدة رغم أن الشاه كان يجمع ثالوث الإنحراف التشيع و العلمانية و العمالة بينما كفرت مرجعيات سلفية لها احترامها رأس الثورة الإيرانية "الخمينى" الذى أزعج النظام السعودى بما سماه " تصدير الثورة " ، و المفارقة تبدو أكثر وضوحا عند صدام الذى لم يكفر إلا بعد تهديده السعودية بغزوه الكويت و ليس وقت كانت إذاعتة فى الثمانينات تبث أطروحات ميشيل عفلق الغير اسلامية بطبيعة الحال ، و بنفس المنطق يجرى الآن الاقتصار على اظهار خطر تحركات حزب الله من دون البحث عن نظير سنى أو دعمه ان كان موجوداً ، يجرى هذا لا من أجل السلفية و الأصولية التى تقاومها النخب الليبرالية فى الخليج و ما يسمى محور الاعتدال بكل ما أوتيت من قوة الفكر و الإعلام ، و لكن من أجل وقف مزايدات نصرالله و مشاكساته ضد أنظمة أصابها ما أصابها من الداءات ، و هنا تبرز لعبة توارزن القوى التى تقع فيها بعض المرجعيات العلمية و الدعوية السلفية فى كل مرة من حيث لا تدرى و توقعها فى كثير من التناقضات ، ــ و أنا هنا لا أقصد سلفية سلمان و سفر و الطريرى ناصر العمر و الزعير و غيرهم ممن يصح وصفهم بحزب " اللا السلفى " ، و إنما أقصد هؤلاء الذين هاجموا ممارسات شيعة العراق و أعزوها إلى حقد الشيعة و اتحادهم على السنة ثم لم يدعموا مشروع الجهاد السنى و لو بالقول فقط .
هذا هو الفارق بين حزب الله و بعض السلفيين ، فحزب الله على زيغه فاعل رئيسى مؤثر فى الساحتين السياسية و الدينية فى المنطقة ، و ليس مجرد مجموعة أصوات دعوية تخضع فى عملها لأولويات أجندات أخرى تفرض عليها اعتبارات عديدة تقيدها ، و كم من ملفات سياسية و اجتماعية مسكوت عنها سلفيا و لا تفتح على أهميتها ، فارق آخر يبدو عندما نرى إيران تنظر إلى الفئات الشيعية فى العالم العربى و خارجه على أنهم جزء لا يتجزأ من كيانها الروحى و السياسى بينما تتعامل الأنظمة العربية مع الأصوات و الكيانات السلفية بكثير من البراجماتية فتعتقلهم وقتما يحلو لها و وقتما تزيد الضغوطات الأمركية كما حدث فور 11/9 و تفتح لهم الفضائايت عندما تحتاجهم للمزايدة على الإخوان و سحب رصيدهم و احتياطيهم الجماهيرى و لسحب البساط من تحت السلفية الجهادية التى عبأت العالم للإسلامى لقضيتى العراق و أفغانستان أو لتخويف الأقليات المشاكسة بالإمعان فى تديين المسلمين مما يهددهم بمزيد من الانزواء داخل مجتمعهم .
باختصار إن سقوط الحلم الشيعى لن يتأتى إلا بسعى الجماهير السنية لطرح و دعم مشروع سنى يمثلها و ينافس مشاريع الأمركة و الصهينة و الصفونة ، مشروع لا يمثل إلا نفسه و لا ينساق خلف لعبة توازن قوى تبقيه نائب فاعل و أحيانا مفعولا به و أحيانا لا محل له من الإعراب ، مشروع له جسم سياسى و عقدى لا يتضعضع أمام مزايدات الخصوم ، و يقضى على هذه الحالة من الضبابية السياسية و الأمية التاريخية التى تبقى بعض جماهير المسلمين همجا رعاعا و نهبا مستباحا لكل ناعق منحرف .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق