الأحد، 17 مايو 2009

إعدام الخنازير بين " الأنفلوانزا الطائفية " و " ثورة الزبالين "

" ثورة الزبالين " كان التعبير الذى اختارته أحدى النائبات فى البرلمان المصرى للتنبيه لما يمكن أن يتهدد المصريين إذا ما نفذت وزارة الصحة قرارها بإعدام خنازيرهم ، التصريح يأتى فى الوقت الذى أثارت فيه الأزمة جدلا طائفيا وصل إلى ساحات البرلمان المصرى بعدما اتخذت الوزارة قرارها و شرعت فى إعدام هذه الأعداد الكبيرة دون الوقوف على حالات مصابة بفيروس H1N1 .
الكثيرون ــ و منهم كاتب هذه السطور ــ توقعوا أن يكون للأزمة انعكاسات طائفية على أساس كون الخنازير محرمة إسلاميا محللة مسيحيا مما سيدفع البعض للعب على هذا الوتر فيما يقوم البعض الآخر بمحاولة الخروج بالخنازير خارج دائرة الاتهام ، إلى هذا الحد توقفت قدرة المحللين التوقعية و لم تتعداه إلى " شبهة " أن الحكومة إنما تسعى لمجرد توجيه ضربة للمسيحيين من منطلق طائفى و هو ما ادعته بعض الأصوات فى الداخل و الخارج ، و الواقع أن السبب فى عدم تجاوز قدرة المحللين هذا الحد ليس القصور فى قدرتهم التوقعية و لكن لأن الأزمة أصلا لا تتحمل أى أثواب طائفية خارج هذا الإطار ، فالخنازير بطبيعتها عائل وسيط يمكن أن يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور أو فيروسات أخرى ، و بذلك تكون الـ 300 ألف خنزير التى تعيش فى مصر فى الأحياء السكنية هى بلا مبالغة قنبلة موقوتة ، ففيروس اللـ H1N1 و إن كان قد انتقل بالفعل من الخنزير إلى الإنسان بحيث صارت خطورته الكبرى تكمن فى انتقاله من إنسان لإنسان إلا أن الوضع يختلف بالنسبة للخنازير المصرية ، ذلك أنها ببساطة تعيش فى المزابل على القمامة و الفضلات الحيوانية و فضلاتها هى نفسها ثم تختلط بالطيور والبشر والماشية في مناطق القاهرة العشوائية و بالتالى فالمقارنة بينها و بين الخنزير الغربى تبدو ظالمة .!! و ليس من المعقول ألا يتحرك المصريون إلا بعد أول إصابة مخافة أن تثار شبهة الطائفية لدى بعض جامعى القمامة و نصبح بصدد " ثورة زبالين " على حد تعبير النائبة جورجيت قلينى !! ، و العجيب أننا لو سلمنا بأن الحكومة تسعى لاستهداف الاقتصاد القبطى عبر إعدام الخنازير فبأى عقل يمكن أن نفسر الإجراءات الصارمة التى اتخذتها وزارة الصحة المصرية فيما يتعلق بأنفلوانزا الطيور خاصة إذا علمنا أن مصر كانت المتضرر الثانى اقتصاديا خارج آسيا من جرائه ؟!!

إن قرار الإعدام عندما اتخذ لم يتخذ ليستهدف اقتصاد الأقباط أو المسلمين أو حتى الخنازير نفسها ، و إنما اتخذ من أجل استهداف هذه السلالة الجديدة من فيروس (اتش1 ان1) التى وصل عدد ضحاياها فى الولايات المتحدة فحسب 4000 حامل للفيروس ، و الخنازير المصرية بكل ما تحمله داخلها من ميكروبات و قذارات ليست أحصن من الخنازير الأمريكية التى لا تعيش وسط التجمعات السكنية المزدحمة ، و إن كانت الحكومة ستتراجع عن القرار مراعاة لظروف و مشاعر بعض آلاف من مربيها و بائعيها فما ذنب الملايين التى لا تتناولها و لا تحبها و بل و لم ترها إلا فى الصور و الأفلام ؟!! عموما فإن هذا الخلط العجيب ذكرنى بما حدث فى الخمسينات و الستينات على اثرا قرارات التأميم و تحديد الملكية الزراعية التى اتخذتها الدولة حيث حاول بعض مهووسى الإضطهاد الباسها ثوبا طائفيا و الادعاء بأنها إنها ما اتخذت إلا من أجل الاستيلاء على ثروة الأقباط !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق