الثلاثاء، 5 مايو 2009

لوجه الله و ليس دفاعا عن حزب الله

قبل أى شىء أحب أن أشير إلى مسألة أرى أنه من الواجب الإشارة إليها قبل الخوض فى موضوع حزب الله أو غيره ، هذه المسألة تتلخص فى أننا جميعا ملزمين ــ إن كنا نرى أنفسنا منصفين ــ أن يكون منطلقنا فى الحكم على الأشياء و الأشخاص قول الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا " .
أقول ذلك لأن الضجة التى أثيرت حول موضوع حزب الله و نشاطاته فى المنطقة أوقعت بعض الأصوات السلفية فى أخطاء و مغالطات تاريخية فى إطار سعيها للحد من موجة الإعجاب بالحزب و زعيمه التى اجتاحت المنطقة فى السنوات الأخيرة و بلغت حد التحول إلى التشيع فى بعض الأحيان .
و أنا عندما أطرح هذه المغالطات و أحوال تفنيدها لا أحاول بذلك الدفاع عن الحزب و زعيمه فلى رأى يمثلنى فيه و سيتجلى من خلال هذه السطور ــ إن شاء الله ـ و إنما أرى أن رؤيتى المتواضعة لهذه الإشكالية التى كثر حولها الشطط هى أقرب للتقوى لأنها ستلتزم ــ إن شاء الله ــ قيمتى العدالة و التجردية اللتين أمر الله بهما المؤمنين ، وحث عليهما حتى مع المشنوئين فقال " 
وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
من تلك المغالطات ما جاء على لسان الشيخ محمد الزغبى على " قناة الخليجية "
من أن حزب الله هو من قام بحرب المخيمات ضد الفلسطينيين و ارتكب ضدهم المجازر بمعاونة شارون و برئاسة موسى الصدر الذى كان خارجا عن الخط الوطنى كافرا به بحسب وصف الشيخ . و بالطبع فإننى و إن كنت أتفهم دوافع الشيخ الخيرية فى نقده لحزب الله و عقيدته و مسلكياته فى المنطقة إلا اننى لا أتفق معه ــ على صغر شأنى ــ فى طرحه تلك الأخطاء التاريخية حتى و إن كان الدافع وراءها خيرى .
ذلك أن مرتكب حرب المخيمات و مجازرها لم يكن حزب الله و إنما قامت بها حركة أمل تلك التى تبنت الخط العلمانى منذ نشأتها و كان للشاه الإيرانى دور فى هذه النشاة ، و أن حزب الله لم يكن قد خرج إلى النور وقت الحرب و إنما كانت نشأته بمثابة إنشقاق عن أمل التى ارتكبت هذه المجازر بحق الفلسطينيين لصالح النظام السورى و نكاية فى عرفات و منظمة التحرير ، كما و أن شارون لم يكن له علاقة بحرب المخيمات و إنما تورطه كان فى مجزرة صبرا و شاتيلا التى قام بها حزب الكتائب ال
نصرانى عام 82 و فقد على إثرها منصبه كوزير دفاع ، و أخيرا فإن قصره صفة الولاء الخارجى و تجاوز الوطنية على موسى الصدرمؤسس أمل من دون باقى الزعماء اللبنانيين وقتها فيه كثير من الإجحاف لأن لبنان وقتها كان مليئا بالشيوعيين الذين يؤمنون بروسيا الشيوعية أكثر من إيمانهم بلبنان و الناصريين ــ المرابطين ــ الذين ارتبطوا بفكر و ممارسات عبدالناصر و هو ليس لبنانى و الجماعة الإسلامية التى كانت مرتبطة بالإخوان المسلمين فى مصر و غيرهم ، و بذلك فلا يكون فى ارتباط الصدر بقوى خارجية خروجا عن النص اللبنانى وقتها على الأقل .
و أنا هنا مضطر أن أكرر أننى لا أدافع عن حزب الله لأنه من وجهة نظرى ليس حزبا لله بطبيعة الحال ، و إنما هو باختصار حزب سياسى دينى يعتنق نفس العقيدة الاثنى عشرية التى تعتنقها الدولة الايرانية بكل ما يكتنفها من شطط و مغالطات و انحرافات و بما تضمنه من نظرية ولاية الفقيه التى تفرض على الحزب و زعيمه تبعية مباشرة للقيادة الدينية فى إيران الممثلة فى شخص المرشد ، وهذا ما يجعل ممارسات
الحزب السياسية و ليس الدينية فقط ممثلة للرؤى و الطموحات الايرانية و ليس العربية و الاسلامية بأى حال من الأحوال .
فهو مد ثورى ايرانى قد يلتقى مع مصالح بعض القوى السنية كحماس فى غزة مثلا ،
لكنه يبقى فى نفس الوقت معبرا عن أجندة إيران و تحركها فى المنطقة ، و هو على انحرافه العقدى له رصيده من التضحيات فى سبيل مشروعه مع القوى المنافسة له فى المنطقة و منها اسرائيل ، يؤكد ذلك ما أرتكبته اسرائيل من اغتيالات طالت أمينه العام السابق عباس الموسوى و أحد أهم رجاله راغب حرب و آخرين .

و بالتالى فالتشكيك ليس فى جدية نشاط الحزب ضد إسرائيل و إنما  فى جدواه لأنه لا يخرج خارج سياق المصالح الإيرانية الرامية من جهة لتصدير واجهة جهادية تقتات بها مذهبيا فى ظل أغلبية سنية و من ناحية أخرى للضغط على أمريكا لتخلى بينها و بين مشروعها النووى من خلال استهداف إسرائيل كخط أحمر أمريكى .
إن الجماهير تشكل مواقفها من الزعامات بمعزل عن خلفياتهم العقائدية  فى كثير من الأحيان ، خاصة عندما تكون خلفياتهم ذات تفاصيل لا يلم بها أكثرهم ، و حسن نصر الله برغم هذا الشطط يمتلك مشروعا متكاملا استطاع أن يجذب الجماهير من خلاله ، و السؤال الذى أرى ضرورة أن يطرحه بعض السلفيين ــ و كلنا سلفيون ـ على أنفسهم إن أرادوا  أن يكونوا منصفين : أين هو المشروع السنى المتكامل الذى يمكنه لم شمل المسلمين السنة و الحفاظ عليهم بعيدا عن المذاهب و الفرق المنحرفة ؟؟؟





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق