ارتبطت ايران بالعالم العربى على مر العصور بعلاقات ذات صلة بعوامل الجغرافيا و التاريخ ، و بالاضافة الى التباين المذهبى فان الواقع الحالى يشير إلى أن ثمة اختلاف يميز ايران كدولة عن باقى دول العالم العربى من حيث كونها دولة قومية موحدة تمثل الشعب أو الأمة الفارسية بخلاف العالم العربى الذى تصغر مساحة بعض دوله لتصل الى 700 كم و تخضع شعوبه لأنظمة تتفاوت فيما بينها فى توجهاتها و درجة استبداديتها .
قامت الثورة الايرانية فى نهاية السبعينات على يد المتدينين الشيعة ، و على عكس الحكام فقد تفاءلت الجماهير العربية ــ السنية فى أغلبها ــ خيرا بهذه الثورة الحقيقية التى حملت نفس الايدلوجيا التى يتعاطف معها القطاع الاكبر من العالم العربى ، و شرعت حركات التحرر و التغيير العربية ابتداء بمنظمة التحرير الفلسطينية مرورا بحماس و الجهاد و انتهاءا بجبهة الانقاذ و الإخوان المسلمين منطلقة جميعها من تقارب الأيدلوجيا الفكرية تارة أو تبنى النظام الجديد لقضايا عربية و دخوله كطرف فى لعبة الصراع العربى الاسرائيلى ، شرعت فى إقامة علاقات وثيقة مع النظام الايرانى الجديد ، لكن النظام الجديد الساعى لتصدير الثورة لم يقنع بذلك و قام فى سبيل توسيع نفوذه فى الساحة العربية بانشاء كيانات سياسية شيعية ترتبط بالدولة الايرانية ارتباط الجزء بالكل ، و بالفعل شهد عقد الثمانينات نشوء جماعات فى العراق و لبنان و بعض دول الخليج تؤمن بأفكار الثورة بما فيها نظرية ولاية الفقيه التى شكلت مكمن الخطورة بما تقتضيه من التبعية و الولاء العابر للحدود .
إن الثلاثين عاما التى مرت على قيام الدولة الايرانية أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن هناك ما تضمره ايران تجاه العالم العربى ، و انها استغلت فى سبيل تحقيق مشروعها الطائفى تارة حالة التعدد المذهبى التى فرضت فرضا على العالم العربى بخاصة فى العهد الصفوى ، و تارة اخرى مستغلة التقاء مصالحها مع مصالح الولايات المتحدة .
كان المثقفون العرب قد رحبوا بفوز التيار المحافظ فى انتخابات 2005 و هو الذى يعلن سيره على نهج الثورة الاول و ينظر للولايات المتحدة نظرة خصومة ، لكن تطور الاحداث منذ احتلال العراق و أفغانستان أظهر النزعة الشعوبية الطائفية التى تتحرك الإدارة الإيرانية انطلاقا منها ، و بدى واضحا ان ايران الآن ماضية فى تحقيق مشروعها فى المنطقة متحالفة مع الشيطان الاكبر و هو ما ستدفع دول المنطقة الضعيفة ثمنه باهظا ، فلقد تجاوز الامر العراق لذى بات ساحة للتهجير المتبادل و القتل على الهوية بين السنة و الشيعة ليتعداه الى دول أخرى ليس آخرها اليمن الذى خرج فيه الحوثى ليعلن تبنيه الفكر الاثنى عشرى و يتحول إلى زعيم عصابة تقتل و تعكر الامنإن ايران اليوم تحتل بلدين عربيين ، الأحواز و الجزر الغماراتية الثلاث و ها هى اليوم تخترق البوابة الشرقية للعالم العربى ، على أبنا الأمة العربية ان يتنبهوا إلى مدى خطورة هذا التمدد ، و أن يعوا جيدا ان التقية و البراجماتية هى السمة الرئيسية لسياسة إيران الخارجية لاسيما مع العالم العربى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق